Header Ads

الديكور الصيني .. فن البساطة والراحة يروي أساطيرهم وحبهم للطبيعة


الديكور الصيني أحد الفنون العريقة، فقد نشأ وترعرع في ظل حضارة تعتبر من أقدم الحضارات في العالم، يعود عمرها إلى نحو خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، ولا يزال هذا الديكور يلقى رواجا في الأسواق لأسباب كثيرة. فهو مريح للنظر من جهة، ويضفي على المكان اتساعا ورحابة من جهة ثانية.

تقول مصممة الديكور مروة علي: «إن أهم ما ميز هذا الديكور اللوحات الطبيعية التي برع فيها الصينيون وأجادوا نشرها على مستوى العالم كله، حيث برزت العناية بالطبيعة لدى الفنان الصيني، كما بدأ الفن في ذلك الركن من العالم، يرتبط بالرسم والكتابة منذ فترة قبل الميلاد، حيث ابتكر الفنانون ريشة دقيقة في القرن الثاني عشر قبل الميلاد وأجادوا من خلالها الرسم بالحبر الأسود الذي صنعوه من أشجار الصنوبر والصمغ ومنها ابتكروا أصباغا نباتية ومعدنية للتلوين.

وتعد الفترة ما بين القرن العاشر والثالث عشر فترة ازدهار لهذه الفنون لما ساد فيها من حياة أرستقراطية ورفاهية. وقد اهتم الأباطرة الصينيون بإنشاء مصانع ملكية لإنتاج الخزف لقصورهم خاصة في عهد أسرة (مينج) الملكية فظهر الخزف المصنوع باللونين الأزرق والأبيض والتزجيج بمادة المينا لتصبح فيما بعد من أبرز الأساليب الصينية في الفنون. كما انتشرت الزخارف الكثيفة خاصة باللونين الأزرق الداكن والأحمر القاني المميز للأجواء الصينية المتوارثة».

وتتابع مروة قائلة: «حتى إن كان زماننا ومنازلنا لا تحتمل كل تفاصيله إلا أنه يمكننا أن نقتني ولو قطعة بسيطة منه ليكون في المنزل ركن يحمل لمسة تجمع القديم بالحديث.

فعندما يذكر الديكور الصيني، مثلا، أول ما يتبادر إلى الذهن صورة رأس التنين العظيم وهو ينفث لهيبة المستعر في الهواء، أو زهرة اللوتس البيضاء وكل هذا يحيطه اللون الأحمر القاني المميز للأجواء الصينية، مع أن هذا ليس كل شيء.

فالفن الصيني أوسع من هذا بكثير، بحيث استخدم الفنان القديم الكثير من الرموز ووحدات الزخرفة من الطبيعة، فزين بها كل شيء حوله مثل الرمان الذي يرمز إلى كثرة الأطفال، وأزهار الخوخ التي ترمز إلى تجنب الكوارث أو إبعادها، أما أزهار عود الصليب فترمز إلى البركة.

هذا بالإضافة إلى القصاصات الصينية الشعبية التي كانوا يزينون بها منازلهم في المناسبات والأعياد، وتعد من فنون الديكور الشعبية التي لا تحتاج إلى شيء سوى ورق ملون ومقص ومهارة من يستخدمهما، وفيما بعد تحول هذا الفن إلى حرفة وأقيمت له مصانع ديكور كبيرة في الصين، وكلها تنتمي إلى التراث الشعبي والأثري».

وعن أهم مميزات الديكور الصيني، تقول مروة: «هذا النوع من الديكور يتسم بالإبداع والرقي، حيث أسهمت خطوطه في إضافة السمات المميزة لكل عصر من عصوره القديمة والحديثة فهو يمتاز بالبساطة والألوان الهادئة والمتناسقة، ولكل قطعة فيه شخصيتها المميزة وبالتالي موقعها يوحي بالعراقة والرقي. كما أن تميزه ينبع من تمازج الخطوط الحديثة مع اللمسات التي تعبر عن الأصالة والعراقة من قطع الأثاث ذات الطابع التاريخي القديم عبر الزمان إلى التاريخ الحديث».

وتضيف: «وهو يتناغم مع أي طراز ديكور آخر إذا استعمل بجرعات محسوبة، كما أنه يناسب أي بيت هدف صاحبه خلق التجانس بينه وبين البيئة المحيطة به، من خلال إبراز قيمه التفاعل بين الداخل والخارج».

وعن أفضل ما يتناسب مع غرفة الجلوس، تقول: «يجب أن تكون من النوع المريح البسيط في التكوين، بحيث لا تخلو هي الأخرى من القطع النادرة من الفخار والخزف وأيضا بعض المفارش والوسائد التي تحمل النقوش اليدوية. ومهم فيها أن تكون بألوان هادئة ومتناسقة مع الأثاث كما يمكن أن تحوي طاولة كبيرة كثيرة الأدراج لكي تحفظ فيها كل المتعلقات والجرائد لتجنب أي فوضى في المكان والحفاظ على الترتيب».

وبالنسبة لغرفة الطعام، فيفضل أن تكون مزيجا من الطراز الحديث «والنيوكلاسيك» حيث يفضل استخدام الألوان الدافئة بالإضافة للإكسسوارات. فالجمال في هذا الفن يعود بالشعور بالراحة والألفة بين الأثاث والإكسسوار المصاحب له.

فأهم عنصر يتميز به الديكور الصيني تحاشيه الإكثار من نقاط الجذب في المكان الواحد، وفي المقابل يركز على تفاصيل هندسية أو تحف فنية قليلة، بوضعها في أماكن مختارة تتوجه لها الأنظار تلقائيا.

كما أن التأنق والاتزان الذي يبرز في ألوانه وخطوطه وتناغم مجموعته حتى في أصغر التفاصيل والإحساس باكتمال المشهد دون الحاجة لأي إضافة، تجعله مرغوبا من قبل شرائح متنوعة من الناس.

بالنسبة لاختيارات غرف النوم، تقول مصممة الديكور إن أهم ما يميزها السرير المنخفض، القريب من الأرض. فهو لا يمنح راحة كبيرة فحسب، بل يخلق أيضا انطباعا بالاتساع، وتكون خزائن الملابس ذات أبواب زجاجية أو مكشوفة وكثيرة الأرفف.

ويجب ألا ننسى ألوان الجدران فهي التي تزيد من جمال الديكور والمساحة في الوقت ذاته، مع مراعاة اختيار البساطة في الألوان لكي تبرز كل النقاط الهندسية الداخلية.

ويعتبر الصينيون من أوائل الشعوب اهتماما بالديكور وما يتعلق به مثل الأعمال الفخارية والأحجار الكريمة المنحوتة والأوعية البرونزية التي استخدمها الصيني القديم في تزيين منزله.

وتعاقبت على الصين أحقاب وصلت فيها الفنون إلى عظمتها، خاصة في فترة حكم أسرة «هان» الملكية، حيث حدثت نهضة كبيرة خلفت شكلا مميزا للأثاث الخشبي، ورسم عليه الفنانون صور المسؤولين في البلاط الإمبراطوري مع الاهتمام برسم الآلهة والأرواح.

فقد كان الديكور وقطع الأثاث الوسيلة التي وضعوا فيها طاقتهم لإيصال أساطيرهم للعالم. ورغم ثراء الطراز الصيني من حيث اللون وروعة استلهامه للأساطير القديمة فإنه كغيره من أثاث الشرق الأقصى يحمل طابع أصحابه، الذين تميزوا عبر تاريخهم بفلسفات التفكير العميق والتأمل.

فقد برع الحرفي الصيني بمهاراته الفنية الدقيقة كالحفر خاصة على أحجار الجاد التي اعتبروها أعلى قيمة من الذهب والفضة لأنها كانت تحمل تاريخهم وقصصهم عبر العصور ولا تتلف، ولا يمكننا أن نتجاوز هذا التاريخ عند الحديث عن الديكور الصيني كجزء أصيل وثري من التراث العالمي.

وهو، مثل كل الفنون القديمة كالعربي والهندي والمكسيكي يحمل في كل مراحله عادات وتقاليد شعبه في المعيشة إلى آخر الأزمان، وأهم ما يميز الديكور الصيني عبر العصور هو البساطة في التصميم.. ونظرا لطبيعة المعيشة المتعلقة من خوفهم الدائم من الزلازل التي تأتي على غفلة من دون توقع فكانوا يفضلون دائما أن تكون منازلهم بسيطة التكوين وقطع الأثاث مصنوعة من أخشاب خفيفة الوزن مثل شجر الصنوبر والألوان دافئة ومتجانسة مع بعضها.

هناك بعض الخطوط الأساسية التي يجب الاهتمام بها لتكون النتيجة النهائية مدهشة وموفقة، حسب مروة علي، وهي بالترتيب:

1 - الاهتمام بديكور الأسقف والترابط بينه وبين قطع الأثاث والمفروشات والستائر.

2 - توزيع الإضاءة في الأماكن المطلوبة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.

3 - اختيار شكل الأرضيات وعمل التصميمات والرسومات لها، خاصة لأن الأرضيات من العناصر البارزة في الديكور الصيني.

4 - اختيار نوع جيد من الدهانات ودرجات الألوان الهادئة فهي تشعرك بالدفء والانسجام مع أي ركن في المنزل.

5 - وضع الأثاث في المكان المناسب له لإبراز جماله ودوره، وليس لمجرد تكديس قطع الديكور بعضها بجانب بعض، حتى لو كانت ثمينة فسوف تفقد أهميتها.

6 - وأخيرا وليس آخرا وضع اللمسات الفنية من اللوح والإكسسوارات التي يتناسب بعضها مع بعض ومع الأثاث أيضا.

المصدر : جريدة «الشرق الأوسط»

المزيد من مقالات ديكور المنزل:      


أرسل الديكور الصيني .. فن البساطة والراحة يروي أساطيرهم وحبهم للطبيعة

لمشاركة العائلة والأصدقاء بهذا المقال؟ أنقر الزر ادناه لارسالها بالبريد الالكتروني أو لتخزنيها على شبكتك الاجتماعية المفضلة.

ليست هناك تعليقات